الإعلام والانحراف الأخلاقي
إضافة إلى ذلك كل الطرق التضليلية التي تعتمدها الميديا، ونظريات النفوذ التي تؤطر وتؤسس الشغل الإعلامي، والتي تؤثر على نحو خطير على المستوى القيمي للمراهق، سنحاول أن نرصد هنا وبشكل مباشر نفوذ قسم من الإعلام على بعض الأنماط السلوكية لدى ذلك المراهق.
الإعلام والانحراف الأخلاقي
لا يوجد شك أن الانحراف بكل أشكاله، كان حاضرا في كل زمان ومكان، وقبل ظهور أي أداة من الفضائيات والمواقع والصحف. سوى أن الإعلام في الوقت الراهن هو من شارك في أصدر هذا الانحراف وتسويقه، لكن وحتى التطبيع معه. وجعله يبلغ ويقتحم كل منزل.
إن الإعلام في شقه السلبي هو الذي يربي المراهق على تبني الانحراف والاعتياد عليه، وهو الذي يزينه ويقدمه له في صورة مغرية، وهو الذي يتير الدوافع والمحفزات لممارسته.
لقد بخصوص الإعلام الشبان إلى مستهلكين شديدي الولاء للجوانب السلبية في الثقافات الأجنبية. فلا يتم تسويق قيم الشغل وأخلاقه، ولا البحث العلمي وأدواته، ولا الالتزام المجتمعي ومؤسساته، ولا الحراك المتحضر وآلياته، وإنما يقوم بتسويق مبادىء الشوارع المظلمة، والطبقات السفلى من الثقافات الأجنبية. إن الإعلام السلبي يجعل من اللصوصية مسابقة رياضية، والغدر كياسة، والخيانة فطانة، والتلاعب ذكاء، والعنف أقصر الأساليب لتحقيق المآرب. كما يحاول أن إلى تهييج الغرائز الجنسية وحث انتشار الرذيلة. ولا يكون هذا بإعلانات على الفور، لكن يتم تضمينها وإدراجها والإيحاء لها في سياق المحتوى الإعلامي الذي يجعل من تلك الانحرافات شيئا شهيا مغريا، يحث المراهق لتجربته.
تلعب الميديا دورا هاما في تحفيز الأطفال والمراهقين على الاعتداء على الغير من خلال عملية التقليد أو تقمص فرد البطل في سلوكه وتصرفاته، وكثيرا ما تطالعنا أخر أحداث في الصحف اليومية أو نشرات الإذاعة والتلفزيون باعتداءات الأطفال والمراهقين على غيرهم بمجرد تقليدهم لشخص بطل ما شاهدوه في واحد من الأفلام. أما أنواع العدوان الذي تعرضه الفضائيات والمواقع والصحف وتعين على أصدره، فهو متعدد ومختلف الأشكال. فقد يكون على شكل إجراء عدواني تخيله مؤلف حكاية الفيلم، أو من الممكن أن يكون فعلا عدوانيا جسدته أفلام الكارتون أو تم عن طريق اللعب، وربما يكون التصرف العدواني سلوكا واقعيا تناقلته قصاصات أخر الأحداث في وصور التلفاز.
لقد انقسم الباحثون في شرح نفوذ الفضائيات والمواقع والصحف على الطفل والمراهق. فهناك رأي يذهب إلى اعتبار ما تقدمه التلفزة من أفلام القساوة ومظاهره، لا ينبغي أن يحرض قلقنا. وذلك الرأي بلورته وأكدته حصائل بحث أنجزته صحيفة Le Monde الفرنسية، حمل عنوان: ” من يخاف التلفزة ؟ أما الرأي الثاني، فيذهب إلى نفوذ مؤذي على سلوكهم السيكولوجي – الاجتماعي. ويتبنى ذلك الرأي ويدافع عنه في الجمهورية الفرنسية بوجه خاص، L. Lu
çat ، والذي استند في رأيه على دراسة أجراها على الطفل الضئيل. فهو يصرح بأن التلفزة تخلق تأثيرا كبيرا على باقي سلوك الطفل وخصوصا في اللعب. فهي تغلق على الطفل في عالم لا عقلاني، سمته وملامحه القساوة، كما تقلل من فرص احتكاكه بأبويه. ويرى Feschbach وهو عالم أمريكي، إنه انطلاقا من حصائل مغاير الدراسات التي تمت بخصوص رابطة تعدي الطفل بالتلفزة. يظهر أن أغلب تلك البحوث تذهب إلى القول بأن البصيرة المتكررة للعنف هو أحد العوامل الرئيسة للسلوك العدواني لدى الطفل.الإشهار والمراهق
أضحى الإشعار العلني واحدا من أكثر الأنشطة تأثيرا على المجتمعات بصفة عامة، وعلى المراهق بصفة خاصة. فإضافة إلى تأثيره في تسويق المنتجات والمنتوجات والخدمات، فإنه يسهم عمليا في أصدر القيم والاتجاهات الحديثة. ويعمل على تحويل الطقوس والأذواق لدى الناس.
إن المراهق حينما يتلقى دعايات تم إنتاجها وسط ثقافة مختلفة لثقافته، فإنه يتلقى معها ملامح ثقافية مصاحبة لها. وفي ذلك الحين تكون عاملا من أسباب التحويل الاجتماعي فيما يتعلق له.
تعتمد الرسالة الإعلانية، من حيث بلوَرة مضمونها، على ما يسمى بالمغريات أو الدوافع أو الرغبات والحاجات، حيث يخاطب المعلن المراهق المستخدم المستهدف معتمدا على المنطق أو العاطفة أو كليهما. عن طريق استعمال نوعيات من الأوتار الإقناعية، وهذا كما يلي:
الميل إلى المحاكاة: وتكون المحاكاة كثيرا ما للأفراد ذوي الشهرة، وذلك يقود إلى أن الإشعار العلني الذي يتضح أحد المشاهير وهو يتناول مشروبا ما، سيقود إلى استحضار صورة النجم نحو تناول المراهق لنفس المنتج.
الرغبة في الاقتناء والتملك: وهي من الأوتار الهامة التي تمثل غريزة حاضرة نحو المراهق.
الميل إلى التفوق وحب الاحتجاج علنيا: تعرف فترة المراهقة سطوع الأنا، وخلالها تتكاثر الرغبة في التفوق، وهذا ما ستغله الإشعار العلني مما لا شك فيه على جودة السلعة ذاتها، والهالة التي سيضيفها استخدامها على من يقتنيها.
الاحتياج إلى الصحة والجمال: وهذا عن طريق السلع الصحية والتجميلية.
الاحتياج إلى لفت نظر الآخرين والسيطرة على إعجابهم: يستعمل ذلك الوتر لإقناع المراهق بأن استخدامه السلعة المعلن عنها، سيجعله مقر مراعاة الآخرين. والسيطرة على إعجابهم. وخصوصا الجنس الآخر.
تعليقات
إرسال تعليق